أهديها إلى ابنة أختي الغالية ليلى … حفظها الله
الساحرة :
1-
في طفولتها … حذرها الكبار
هي و كل الصغار في سنها . مرددين على أسماعهم: :…
هذه العجوز التي تسكن بجوار المدرسة
ساحرة شريرة لا تنظروا في عينيها
و لا تتوقفوا بجوار نافذتها ….
و كان الأطفال جميعا من نافذة العجوز مرعوبين
يمرون بالقرب منها مسرعين
و كان الكبار يحاسبونهم عند عودتهم لو علموا ب مرورهم ….
2 –
و جاء يوم , كانت تسير مع أبوها و أمها…. و تشجعت بهم فنظرت …
فوجدت النافذة خالية فضحكت مشيرة إليها و هي تصيح
: النافذة خالية, أنتم تخوفوننا من نافذة خالية ؟
..
فنهرتها أمها قائلة : بل العجوز هربت خائفة من الكبار
و صفعها أبوها فقائلا لها : : إصمتى … لا تتكلمي ….
فصمتت …..
3 –
و لكن بداخلها شجرة نبتت
تقول لها
: أريد أن أعرف , أريد أن أعرف ….
و مرت الأيام و الشجرة تكبر و تصرخ و الصغيرة لا تجد ما تقوله لها سوى : لا أعرف …. لا اعرف
4 –
حتى مرت يوما وحدها أمام النافذة و العجوز بها …
فتوقفت و نظرت …
بكل جرأة نظرت
و الخوف يكبلها و صوت أبوها و أمها ينهرها ….
نظرت في عيني العجوز …. !!!
و صوت يلاحقها: لا تنظري, لا تنظري…
رأت كهوفا مظلمة تسبح فيها أشباح رمادية مرعبة …
صرخت خائفة ….. و تعالت الأصوات المستنكرة
صوت أبوها غاضبا و صوت أمها متوعدا ….
: فتاة غير مطيعة تتسلل إلى أماكن ممنوعة …..
5 –
حاصرتها عاصفة …..
خرجت الأشباح لتحيط برأس الطفلة فقاومت … ووقعت و قامت ومرة ثانية على الأرض وقعت ….
حاولت الفرار فلم تستطع
حاولت أن تصرخ فلم تجد لها صوتا
فاستسلمت ….
و عندما عادت إلى بيتها لم تكن هي كما كانت هي
و لا عادت ترى الحياة كما كانت تراها …
نظرت في المرآة تستكشف ما بها …
رأت كهوفا سوداء تملؤها أشباح رمادية
…. تسكن رأسها و عينيها
منها خرجت تهددها بصوت والدها …أن إصمتى , لا تتكلمي , لا تنظري , لا تسألي ….. لا تفكري …..
فخافت و سكتت…..
6 –
مرت السنين و كبقية الأطفال كبرت خائفة صامتة ….
و ولد جيل من الأطفال غير الجيل …
و سمعتهم يتناقلون نفس الكلمات التي في طفولتها سمعتها:
: بجوار المدرسة عجوز شريرة تسحر من يتجرأ و ينظر إليها ….
فقالت لالالالالالالا
لا …. لن أترككم للخوف يتسلل منمكم إليكم
فعرفت مكان الشريرة و أخذتهم معها إليها
و توقفوا جميعا أمام نافذتها
بدون خوف و لا صوت أبيها يهددها و أ مها تنهرها
قالت لهم : أنظروا جميعا إليها ….
انظروا ….
فنظروا …… !!!
لا توجد كهوف سوداء مخيفة في عينيها …
انظروا :
لا تخرج الخفافيش و الأشباح لترعبنا وتتلبس بأجسادنا لتسحرنا
7 –
و نظرت معهم …
بلا خوف نظرت معهم
فاحترقت الساحرة التي أمامهم و التي كانت بداخلها ….
و مرة ثانية نظرت و هتفت معهم قائلة
: الآن ….
نافذتنا خالية لا يوجد بها ساحرة …
و اليوم الأول من يومياتنا نكتبه بأيدينا و عقولنا
و ليس بأيدى من يرهبوننا …