وقد جمع الشيخ عصام الدين أحمد بن مصطفى المعروف بطاشكبرى زاده كتاباً عظيماً أورد فيه نحو خمسمائة علم وسمّـاه (مفتاح السعادة ومصباح السيادة) ، وذكر إنّ العلوم في البداية تنقسم إلى إلهية واعتقادية وعملية ، وجعل علم الأخلاق ثمرة كلّ العلوم ، توفّي (967 هـ).
وعدّ الإمام الشافعي في مجلس الرشيد (63) نوعاً من علوم القرآن ، وقيل : عدد العلوم أكثر من أن يضبطه قلم ، وعن الغزالي عن بعضهم أنّ القرآن يحتوي على (سبعاً وسبعين ألف علم ومئتي علم) ، ونقل السيوطي عن القاضي أبي بكر بن العربي أ نّه ذكر في (قانون التأويل) أنّ علوم القرآن خمسون علماً وأربعمائة علم وسبعة آلاف علم وسبعون ألف علم على عدد كلم القرآن مضروبة في أربعة ، إذ لكلّ كلمة ظهر وبطن وحدّ ومطلع[1].
فمع هذه العلوم الواسعة الأطراف وصعوبة غوص بحارها المتلاطمة الأمواج ،
حتّى عدّ بعض المؤلفين[2] مليون علم من علوم أمير المؤمنين (عليه السلام) ، لما ورد في الحديث الشريف في قوله (عليه السلام) : (علّمني رسول الله ألف باب من العلم ينفتح لي من كلّ باب ألف باب).
والعمر قصير لا سيّما مع كثرة المصاعب والآلام وتشويش البال واختلاف الأحوال وتدهور الأوضاع ، فلا سبيل إلى اقتناء العلوم إلاّ أن يعلم بها إجمالا ، وأن يأخذ من كلّ علم لبّه ولبابه ، كما ورد في الأخبار الشريفة.
فيقرأ مثلا في البداية (أبجد العلوم للصديق بن حسن القنّوجي المتوفّى 1307 هـ ، في ثلاث مجلّدات والمقصود المجلّد الثاني) ثمّ بعد ذلك يتوسّع في العلم الذي يبغيه أو يريد أن يختصّ فيه ، فمن أراد أن يكون فقيهاً يقرأ بما يتعلّق بالفقه وبمقدّماته ، وهكذا باقي العلوم.
[1] أبجد العلوم ; للقنوجي ، ت 1307 ، الجزء 2 : 7 ، وقيل : جميع العلوم في القرآن ، ولكن تقاصر عنه أفهام الرجال . وقد كتب الأعلام كتباً في تعيين العلوم كأبجد العلوم ومدينة العلوم وكشف الظنون ومقدّمة ابن خلدون ومفتاح السعادة والفوائد الخاقانية وإتمام الدراية والنقاية والمطالب الإلهية والانموذج وحدائق الأنوار في حقائق الأسرار وغيرها.
[2] كالشيخ الفلسفي الخراساني من خطباء مشهد المقدّس ، له دائرة المعارف العلوي في عشرة أجزاء ، وهو مطبوع.